نمو أي اقتصاد يتحدد من خلال الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، الذي يقدر باحتساب قيمة ما ينتج من سلع وخدمات خلال سنة على أن تحسب قيمة هذه السلع والخدمات بالأسعار الجارية.
لقد اعترى عملية احتساب معدلات نمو الاقتصاد الليبي خلال 10 سنوات ماضية كثير من الإشكالات، ذلك أن العامل الرئيس في تقدير الزيادة والنقص في الناتج المحلي الإجمالي هو النفط الذي شكل نسبة وصلت إلى 70% من الناتج، ولأن صناعة النفط تعرضت لهزات عنيفة وإغلاق لحقول إنتاجه ومواني تصديره لمرات بعضها استمر لسنوات، فقد شهدت معدلات نمو الاقتصاد الليبي خلال تلك الفترات تقلبات كبيرة، ففي سنة قُدر معدل نمو الاقتصاد بالسالب، ليسجل العام الذي يليه نموا هو من أكبر المعدلات عالميا.
وبحسب مصادر عديدة، فإن معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الليبي المتوقع خلال العام 2023م يقترب من 20% (قدّرته فتش سلوشن Fitch Solution بنحو 19.7%). واعتمدت سلوشن في توقعاتها على زيادة محتملة في إنتاج النفط والغاز، وعلى الاستقرار السياسي والزيادة في الإنفاق الحكومي الذي سيكون له آثار إيجابية على النشاط الاقتصادي.
غير أن توقعات فتش سلوشن لنمو الاقتصاد الليبي بدت كبيرة نسبيا، إذ ليس من المتوقع أن تحدث قفزة نوعية في معدلات إنتاج النفط والغاز خلال العام 2023م، فالمؤسسة الوطنية التي استهدفت رفع سقف إنتاج النفط الليبي ستبدأ في تنفيذ خطتها خلال هذا العام لتظهر ثمارها خلال الأعوام اللاحقة، ومن ثم فإن الزيادة المتوقعة في مستوى إنتاج النفط خلال العام 2023م ستكون محدودة ولن يكون لها انعكاس كبير على الناتج المحلي الإجمالي.
وكذلك الحال بالنسبة للغاز، حيث الآمال في أن تتضاعف إنتاجيته بعد الاتفاقية الجديدة بين المؤسسة وشركة إيني الإيطالية، إلا إن آثار هذه الاتفاقية لن تظهر قبل عامين أو ثلاث، وليس من المتوقع أن يتدفق الغاز الجديد خلال العام 2023م.
فيما يتعلق بمساهمة القطاعات غير النفطية، فبرغم توقعات أن تستمر الحكومة في سياسة رفع نسبة الإنفاق التنموي، فإنها نسبة لا تتجاوز 20% في أحسن الأحوال، ولا يتوقع أن يكون لهذه النسبة إسهام كبير في الناتج المحلي الإجمالي.


